14أذار ذكــرى الإجتيــاح الإسرائيلــي للجنــوب
د.نسيب حطيط
في(14أذار)1978 اجتاح الجيش الإسرائيلي منطقة الجنوب اللبناني حتى حدود الليطاني وأقام دولة (سعد حداد) وارتكب مجازر الخيام والعباسية وحانين ،وأصدر مجلس الأمن الدولي القرار(425)الذي يدعو لإنسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب، وتم تشكيل قوات الطوارئ الدولية ، لمراقبة وقف إطلاق النار والإشراف على الإنسحاب، لكن إسرائيل لم تنفذ القرار (425) بل دعمت احتلالها بالاجتياح الثاني للبنان عام 1982 حتى وصلت الى العاصمة بيروت ،وفرضت انتخاب بشير الجميل "قائد القوات اللبنانية" رئيسا للجمهورية ،وطردت المقاومة الفلسطينية الى تونس وفرضت اتفاق17 أيار في عهد الرئيس أمين الجميل.
ولم تنسحب إسرائيل من بيروت ثم صيدا وصولا الى تحرير لبنان عام 2000 إلا بضغط المقاومة الوطنية الإسلامية اللبنانية، والتي أنهكتها بالضربات الموجعة وكبدتها الخسائر المعنوية والبشرية بقوة السلاح ،وليس بالقرارات الدولية حيث عجزت التجمعات السلمية لهيئات المجتمع المدني عن الضغط لتنفيذ القرار(425)بعد مجزرة قانا واخواتها،ولم تتحرك أميركا والمعتدلين العرب للضغط على إسرائيل للإنسحاب كما يدعو الآن بعض اللبنانيين المضللين والمخدوعين بالدعم الأميركي لتنفيذ القرارات الدولية من 1559 إلى 1757 وغيرها من القرارات الدولية .
وهنا يسأل اللبنانيون عامة والجنوبيون خاصة، والذين روعهم القصف والقتل وتدمير البيوت منذ العام 1948 منذ مجزرة حولا والاجتياحات المتكررة... أين كان اللبنانيون في المناطق الآمنة من ألام الجنوبيين ،ولماذا لم يحركوا مظاهرة أو اعتصاما لنصرة أهل الجنوب المقتولين بالقصف الإسرائيلي لعشرات السنين ، ولماذا لم يتحركوا للمطالبة بتنفيذ القرارات الدولية وخاصة القرار(425)...ولماذا لم يضغطوا على الدولة اللبنانية التي كان يمسكون بها و بأجهزتها العسكرية والمدنية، وهم الذين تسلحوا كميليشيا مع امساكهم بالدولة والجيش ؟.
ويتساءل أهل الجنوب من أهالي الشهداء وأبنائهم ،والمعوقين والمفقودين والأسرى،و الذين دمرت أملاكهم وأحرقت مزروعاتهم ولم يعوض عليهم حتى الآن! هل أن الذين يطالبون بنزع سلاح المقاومة الآن ،والتي تطالب به إسرائيل وأميركا ،هل طالبوا مرة واحدة بنزع سلاح العدوان الإسرائيلي وما هي الضمانات التي يعطونها لأهل الجنوب والمخيمات الفلسطينية لكي تحميهم من العدو الإسرائيلي ...؟هل باستطاعة الجيش اللبناني المحاصر أميركيا بمنعه من التسليح المتطور ،ويحاصر من الدولة اللبنانية بفقر التقديمات الصحية حيث يضطر الجندي أو الضابط وأهله وعائلته للنزول من الجنوب والشمال وعكار للمعالجة في المستشفى العسكري في بيروت..؟!.
المشكلة مع بعض اللبنانيين في(14أذار)2005أنهم يرفعون شعارات وأدبيات إجتياح (14أذار) 1978...هل هي الصدفة أم أن المحرض واحد،فمرة يستعمل الاجتياح الخارجي الاسرائيلي للقضاء على المقاومة، ومرة الاجتياح السياسي الداخلي للقضاء على المقاومة وحصارها، لكن الفارق أكبر مما يتصوره بعض الحالمين أو المخدوعين بأحجامهم خاصة(أشعارهم)البطولية التي لم تكتب لأمثالهم ،فإذا نجحت إسرائيل بتواطؤ عربي ودولي من إخراج المقاومة الفلسطينية من لبنان، فلا يمكن إخراج المقاومة اللبنانية من أرضها فالمقاومة اللبنانية في أرضها وبيوتها وحقولها ولا تقتصر على حاملي السلاح بل هي كل الناس ،الصامدين بمواجهة الاحتلال، المقاومة ليست شيعية أو إسلامية،بل المقاومة هي كل المواطنين على إختلاف مناطقهم وطوائفهم الذين ينكرون الاحتلال والاستعمار غير المباشر ،والمقاومة ليست حزب الله وحركة أمل بل كل الأحزاب الوطنية الإسلامية والعلمانية التي تؤمن بوحدة لبنان وحريته واستقلاله وتضامنها مع الشعب الفلسطيني وقضيته وتؤمن بأنها جزء من الصراع العربي الإسرائيلي، وبالعدالة والمساواة في المواطنية.
قد يحلم البعض، ويظن بقدرته على ابتلاع خصومه لكن الوقائع ترجعه الى حجمه الهزيل فيفقد السلطة مع ألقابها ولا يبقى إلا أضغاث أحلامه.
النصيحة نوجهها للأخوة في المواطنية والعيش المشترك في(14أذار)أن يغيروا الاسم في ثورتهم الثانية ويصبحوا (13أذار)حتى لا يتوافق مع ذكرى الاجتياح الاسرائيلي، أو12أذار لأن الرقم(13) نحس كما يظن بعض العرافة...؟!